قبل سنوات، كان اللجوء إلى المحاكم أمراً في غاية الصعوبة، ويلجأ إليه الناس بعد إغلاق الأبواب أمامهم في الصلح، أو في حال وقوع جريمة وغيرها من مسببات اللجوء إلى القضاء، لكن يُلاحظ حالياً، أن أعداد القضايا تضاعفت وازدحمت أروقة محراب العدالة بآلاف الجلسات والملفات والنزاعات؛ لأسباب غالبيتها تافهة، وكثير من القضايا يمكن حلها بالتفاهم بين أبناء المجتمع.
وبينما تزايدت القضايا أمام المحاكم وقبلها الشكاوى المقدمة أمام المباحث، لم يكن ذلك بسبب ارتفاع معدل الجريمة فحسب، بل لأن هناك سبباً آخر هو أن الناس أصبحوا لا يطيقون شيئاً من الآخرين، فمن أي كلمة تسيء إليهم يلجؤون إلى القضاء، ولا مجال لتفويت الخطأ أو تطبيق مبدأ «تسعة أعشار العافية»، المتمثل في التغافل.
ليست المعضلة في ازدحام ساحات المحاكم بالقضايا التي يُفترض ألا تصل من الأساس، بل إن هناك جرائم تُرتكب من مستصغر الشرر، ومنها القتل.
قضايا بسيطة
لكن بالنسبة للقضايا البسيطة، فإن أقرب مثال لها هو توافر أعداد كبيرة من الشاكين والمشتكى عليهم بسبب جرائم مواقع التواصل الاجتماعي، فمعظمها بسبب التعليقات على المنشورات، المتمثلة في السب والقذف، وهناك شخص لجأ إلى النيابة العامة متقدماً ببلاغٍ ضد 200 شخص، وطَالَب بالتحقيق معهم كلهم بسبب تغريدات، الأمر الذي يأخذ وقتاً وجهداً في الاستدعاء والتحريات والإحالات، ولا مانع من التقاضي من باب مبدأ الحق المكفول، وبالتالي للجميع الأحقية في ذلك، لكن الأمر أصبح مرهقاً، وقد يصل إلى مرحلة ثقافة التغاضي عن أي كلمة أو حرف.
السب والقذف
أشار مصدر مطلع لـ القبس أن قضايا السب والقذف أصبحت هي الأعلى بعدد الشكاوى، حيث تكون من خلال برامج «واتس أب» و«إنستغرام» و«تويتر» و«سناب».
ولفت إلى أن %85 من الشكاوى التي تندرج تحت قانون تقنية المعلومات تتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي والشكاوى من خلاله، التي ارتفعت وفق آخر إحصائية سنوية بنسبة %20، حيث بلغت القضايا الواردة للنيابة العامة في سنة 2021، 2183 قضية.
ولفت المصدر إلى أن المواطنين والمقيمين من جميع الجنسيات يتقدمون بالشكاوى، حيث بلغ عدد المتهمين من جنسيات مختلفة في قضايا السب والقذف عبر مواقع التواصل 1180 متهماً، مقابل 1000 شكوى بين المواطنين.